إذا لم تجر رياح مفاوضات فيينا بما تشتهي السفن الإيرانية فإن لبنان سيكون مقبلاً على مزيد من التصعيد من قبل حزب الله ولن يصل ملف الترسيم الى أي خواتيم سعيدة نهاية هذا الصيف كما هو منتظر ومأمول.
لا يكاد هذا الملف يشهد موجة باردة حتى تطيح بها موجةٌ ساخنة وهذا ما هو حاصل اليوم بعدما كانت الأجواء الإيجابية مفرطة قبل أسابيع بدأت تُشاع هذه الأيام أجواء سلبية تشي بأن عودة الوسيط الأميركي في ملف الترسيم آموس هوكستين لن تحمل ثمارا جيّدة للبنانيين، فالمسؤولين الذين ينتظرون الردّ الاسرائيلي على مقترحهم سيتلقّون طرحا مقابلاً يعيد المفاوضات الى الوراء ويزيد من حلقات الأخذ والردّ.
في هذا المسار الطويل ينتقد الباحث في قضايا ترسيم الحدود الدكتور عصام خليفة السرية والتكتم المعتمدين من قبل المسؤولين اللبنانيين على مضمون المفاوضات وعدم إطلاع الشعب على مسار التفاوض بشأن ترسيم الحدود، متحدثا عن تناقض في مكان ما، فقال “بحسب الأنباء ان الاقتراح اللبناني الذي يشمل الخط 23 مع حقل قانا ناقضته الخريطة التي نشرتها هيئة البترول اللبنانية وبيّنت أنه على امتداد الخط 23 هناك آبار وحقول، أي في المنطقة ما بين الخطين 23 و29، فكيف ستتمّ الاستفادة منها ولمصلحة أي جانب اسرائيل أم لبنان؟”
ويشدد خليفة على أن الخط 29 هو الخط القانوني الوحيد انطلاقا من نقطة رأس الناقورة أي الحدود الدولية البرية، شارحا ان ما من دولة في العالم رسّمت حدودها بالمنطقة الاقتصادية الخالصة البحرية من خارج نقطة الحدود البرية، وبالتالي فإن المسؤولين اللبنانيين اختلقوا بدعة في الترسيم ضد مصالح لبنان وحقوق اللبنانيين.
وراهناً، يرى خليفة ان الحل الوحيد يقوم على ارسال تعديلات الإحداثيات التي اقترحتها قيادة الجيش (المرسوم 6433) فورا الى الأمم المتحدة ليبدأ بعدها التفاوض وإلا فإن كل مفاوضات قبل هذه الخطوة هي بمثابة خيانة عظمى للشعب اللبناني ولحقوقه.
وتعليقا على كلام وزيرة الطاقة الاسرائيلية قبل يومين بأن المقترح الاسرائيلي الجديد يصبّ في مصلحة لبنان وسيساعده بإنتاج الغاز، توجّه اليها خليفة بالقول إن شعب لبنان صبور جدا وقادر على انتزاع حقوقه من دون عطف من أحد وتمنين بأن اسرائيل ستساعده في تأمين الغاز والبترول.
أما عن مآل المفاوضات، فرأى أن الموقف الاسرائيلي غير واضح أساساً من المفاوضات لأن الأنباء الواردة من هناك تشير الى فئة ترغب بإبرام تسوية مع لبنان وأخرى تعارض الفكرة ويبدو ان هناك تريّثا وتأجيلا للضخّ من حقل كاريش.
ويدخل خليفة في التفاصيل ليشرح أنه بالنسبة الى لبنان يجب تطبيق القانون الدولي القائل بالخط 29 وهوما أثبتته الوثائق ويضيف “لقد تبيّن ان الخط 23 هو اختراعٌ اسرائيلي تبنّاه المسؤولون اللبنانيون وهو أمر يجب أن يخضع للتدقيق والمحاسبة في القضاء لكشف مرتكب هذه الجريمة بحق الوطن والشعب”.
ومع استمرار المفاوضات، العينُ على شهر أيلول الذي يُتوقع ان يحمل إما تسوية وإمّا حرباً رفع سيفها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطاباته الأخيرة، وفي هذا السياق يشير حليفة الى أنه ورغم تقدير المقاومة، لكنه كان من الأفضل للسيد نصرالله أن يوعز الى وزير الأشغال المعني في مجلس الوزراء بتعديل مرسوم الجيش والضغط على الرئيس نبيه بري لعدم السير باتفاق الإطار الذي يخلط بين الحدود الدولية والخط الأزرق ما يناقض مصالح لبنان العليا.
ويلفت الى وجود اتفاق هدنة بين لبنان واسرائيل موقعا عام 1949 لا يزال قائما حتى إشعار آخر، مشيرا الى انه في الفقرة الأولى من المادة الخامسة هناك تطابق بين خط الحدود الدولية وخط الهدنة، وقد أعيد ترسيم الحدود في شهر كانون الأول عام 1949 مع اتفاق موقع وخريطة مطبوعة في اسرائيل وهي متطابقة مع خط بولينيوكوم وعليه تمّت إضافة ست وتسعين نقطة تفصيلية على الاتفاق.
ليست الحرب هي المطلوبة اليوم يؤكد خليفة، إنما التضامن الوطني لكن إذا فرضت الحرب على لبنان فإنه جاهز لخوضها ليس فقط كمقاومة بل شعبا ودولةً أيضا، محذرا من اي اتفاقات خارجية بين ايران واسرائيل لا تأتي بأي صالح للبنان. لذا على الشعب اللبناني أن يحرص على حماية مصالحه وحقوقه في أي اتفاق لحدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، مذكّرا في هذا الإطار، بأنه سبق للبنان أن خسر ألفين وثلاثمئة كيلومتر مربّع خلال ترسيم حدوده مع قبرص عندما قبل وزير الاشغال في حينها محمد الصفدي بالخط الوسط القائم، فيما ينصّ اتفاق البحار على ان حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين الجزيرة والبر تكون بنسبة الحدود البالغة في لبنان 188.5 وفي قبرص 103.4.
المصدر : موقع الكلمة اونلاين