لبنان يطالب بالعدالة
بقلم السفير د. هشام حمدان
قام مجموعة من القانونيين شملت قضاة ومحامين وسفراء بتسليم ممثل أمين عام الأمم المتحدة في بيروت السيد يان كوفيتش رسالة إلى مجلس الأمن من خلال الأمين العام للأمم المتجدة طالبين فيها إحالة تفجير مرفأ بيروت إلى المحكمة الجنائية الدوليّة. وتقول هذه المجموعة أن تقارير الخبراء الدوليين تشير إلى أن هذا الإنفجار نجم عن عمل عسكري، وبسبب استخدام عنبر في المرفأ للحفاظ على مواد تستخدم في صناعة متفجرات وصواريخ. وهم لذلك يعتبرون أن الإنفجار يندرج في حالة الحرب الجارية في منطقة الشرق الأوسط بعد أن جعل فريق لبناني مسلح بدعم من سوريا وإيران، لبنان وشعبه، ضحية لهذه الحرب وحولوا المرفأ، وهو مرفق مدني قائم في منطقة آهلة بالسكان المدنيين رهينة لحروبهم المتنقلة في المنطقة. ويعتبر هؤلاء القانونيين أن ما ينقله الخبراء، يدل بالتالي، على أن الإنفجار، تم في إطار ممارسة واعية مستمرة للأطراف المتحاربة في المنطقة مما ينطبق على المادة 7 (ك) من شرعة المحكمة الجنائية الدولية التي تعتبر مثل هذا الفعل جريمة ضد الإنسانية.
وتصر هذه المجموعة أنها لا تتهم أحدا لكنها ترفض أيضا، السماح بالإفلات من العقوبة أو بتحويل الإنفجار إلى بازار سياسي. وهي لا تثق بالقضاء الوطني بسبب عدم قدرته على ممارسة صلاحياته لأن الفريق المتهم هو الذي يسيطر على السلطة وعلى سير العدالة.
تندرج هذه المجموعة في ملتقى ” متحدون من أجل العدالة للبنان وشعبه”. وهي تحدثت في مؤتمر صحفي شددت خلاله على أن هدف هذا الملتفى هو الحصول على الإعتراف من الأمم المتحدة بانها شاركت في المعاناة التي شهدها هذا الوطن الصغير وشعبه منذ عام 1975 وحتى تاريخه. فلبنان عضو مؤسس في الأمم المتحدة التي يفترض أنها تحمي الأمن والسلام في العالم وخاصة من خلال مجلس الأمن. ويقولون أن مجلس الأمن تجاهل واجبه تحت المادة 40 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي كان يفرض عليه اتخاذ تدابير تمنع أي طرف في اتفاقية الهدنة بين لبنان وإسرائيل لعام 1949 على انتهاك هذا الإتفاق. فمجلس الأمن تغاضى عن الضغوط التي كان يتعرض لها شعب لبنان الصغير ليسمح للفلسطيننين باستخدام أراضيه لحربهم الصغيرة ضد إسرائيل. وهم سكتوا على فرض اتفاق القاهرة عام 1969 على لبنان، ولم يابهوا إلى أن هذا الاتفاق هو اتفاق إكراهي، وأن بعض القادة العرب هددوا لبنان، بدعم الفلسطينيين المسلحين في أي معركة مع الجيش اللبناني، وهم استفادوا من الأجواء الديموقراطية، والحريات الإعلامية، والتنوع المذهبي في لبنان لتثوير مجموعات سكانية ضد الدولة. فالحرب الباردة طغت على هذا المجلس فسكت على الاتفاق المناقض لاتفاقية الهدنة وساهموا بتحويل لبنان إلى ساحة لصراعهم العقائدي.
كان يفترض بقوى الحرب الباردة إحترام قرارهم المشترك لعام 1949 ومنع انتهاك سيادة لبنان واحترام اتفاقية الهدنة التي فرضوها بأنفسهم على لبنان وإسرائيل. لبنان صار ضحية لهذا الصراع منذ ذلك الحين ودفع كل الأثمان الباهظة لذلك الصراع المستمر حتى تاريخه.